كتب: عاطف بن علي الأسود
الشرقية – الكون بزنس
تُعد مجموعة المهيدب القابضة واحدة من أبرز النماذج الوطنية في مجال الاستثمار العائلي المستدام في المملكة العربية السعودية. بدأت مسيرتها في عام 1943 على يد المؤسس الشيخ عبد القادر بن عبد المحسن المهيدب -رحمه الله- الذي انطلق من مدينة الدمام برؤية واضحة وطموح كبير، ليؤسس كيانًا تجاريًا متواضعًا آنذاك، لكنه سرعان ما تحوّل إلى مجموعة استثمارية متعددة القطاعات. وعلى مدى أكثر من ثمانية عقود، نجحت المجموعة في تنويع محفظتها الاستثمارية لتشمل قطاعات الأغذية ومواد البناء والعقارات والطاقة والقطاع المالي، مع حضور دولي يتجاوز خمسًا وعشرين دولة وأصول تُقدّر بأكثر من سبعة مليارات دولار.
تمكّنت المجموعة من ترسيخ موقعها في السوق السعودي والإقليمي عبر تبنّي نموذج أعمال يقوم على التنوع والتكامل والاستثمار في القطاعات ذات القيمة المضافة. كما شهدت في السنوات الأخيرة تحوّلًا نوعيًا في بنيتها الإدارية تحت قيادة المهندس عصام بن عبد القادر المهيدب، الذي عمل على تطوير نظام الحوكمة الداخلية وتحديث الهياكل المؤسسية وتعزيز التحول الرقمي من خلال شراكة استراتيجية مع شركة SAP، ما مكّن المجموعة من اعتماد أنظمة متقدمة مثل SAP S/4HANA التي عززت كفاءة العمليات ورفعت مستوى الجاهزية المستقبلية.

لقد شكّلت الإدارة الحديثة للمجموعة بقيادة عصام المهيدب نقطة تحول في مسارها المؤسسي، إذ امتزجت فيها القيم العائلية الراسخة مع أدوات الإدارة الحديثة، مما أسهم في بناء بيئة عمل ديناميكية وجاذبة للكفاءات، وتوسيع قاعدة الشراكات الاستراتيجية داخل المملكة وخارجها. هذا التطوير لم يكن مقتصرًا على البعد الاقتصادي فحسب، بل امتد ليشمل دورًا اجتماعيًا فاعلًا تبنّته المجموعة عبر “مؤسسة عبد القادر المهيدب لخدمة المجتمع”، التي تنشط في مجالات الإسكان الخيري وبناء المساجد وترميم المنازل ودعم التعليم والتدريب وتمكين الشباب والمرأة.
وقد كان لأبناء المؤسس دور جوهري في الحفاظ على هذه المسيرة وتطويرها، حيث شكّلوا نموذجًا يُحتذى في الوفاء لإرث العائلة والمشاركة الفاعلة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وحرصوا على أن تبقى المجموعة منفتحة على المجتمع ومساندة لكل ما يدعم الاستقرار والتنمية. هذا الحضور الاجتماعي المشرف لم يقتصر على العمل المؤسسي، بل ظهر جليًا في دعمهم لمبادرات تعزز قيم الترابط والمسؤولية والانتماء الوطني، وتركوا بصمة واضحة في تنمية العلاقات المجتمعية وتعزيز جسور التواصل بين قطاع الأعمال والمجتمع المحلي.

إن ما حققته مجموعة المهيدب القابضة ليس مجرد قصة نجاح اقتصادي، بل هو تجسيد حي لمعاني الريادة المسؤولة والانتماء الصادق لهذا الوطن. لقد برهنت على أن الاستدامة الحقيقية لا تتحقق بالأرقام فقط، بل تُبنى على التزام راسخ تجاه الإنسان والمجتمع، وعلى إيمان عميق بأن للنجاح بُعدًا أخلاقيًا لا يقل أهمية عن البُعد المالي. ففي كل مبادرة اجتماعية، وكل مشروع تنموي، وكل فرصة تُمنح لشاب أو شابة، تواصل هذه المجموعة العريقة تأكيد رسالتها الإنسانية والوطنية، وترسيخ حضورها كأنموذج يُحتذى في العطاء والبناء. وليس من المبالغة القول إن مجموعة المهيدب اليوم تمثل علامة فارقة في سجل الاقتصاد السعودي الحديث، وواجهة مشرفة لقيم العمل المؤسسي الذي يجمع بين الثبات على المبادئ والابتكار في الأداء.
ختاماً ، لقد أثبتت مجموعة المهيدب القابضة، عبر مسيرتها الممتدة، أنها ليست مجرد كيان اقتصادي ضخم، بل رؤية وطنية تجسّد قيم الريادة والابتكار والاستدامة. إن نجاحها لم يأتِ من فراغ، بل كان ثمرة قيادة حكيمة، وعمل مؤسسي متكامل، واستثمار ذكي في الإنسان والموارد. وقد لعبت الكفاءات الوطنية دورًا محوريًا في تحقيق هذه الإنجازات، ومن بينهم الرئيس التأسيسي للقطاع الصحي الشرقي، الذي أسهم برؤيته وخبراته في وضع اللبنات الأولى لهذا القطاع الحيوي، مما عزّز من حضور المجموعة في مجال الرعاية الصحية بشكل فعّال ومستدام. ومما لا شك فيه أن ما تقدمه المجموعة اليوم من إسهامات نوعية على مستوى الاقتصاد الوطني والتنمية المجتمعية يجعلها نموذجًا يُحتذى به في عالم الأعمال، وواجهة مشرّفة للمملكة على الساحة الإقليمية والدولية.